تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
تفاسير سور من القرآن
87275 مشاهدة print word pdf
line-top
تفسير قوله: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ

...............................................................................


ثم لما بين أن هذا القرآن العظيم هو الذي أنزله، وهو الذي فصله، وبين حلاله وحرامه وعقائده ومواعظه وأمثاله وآدابه ومكارمه، وأنه بين هذا بعلمه المحيط بكل شيء -هدد الكفار الذين لم يعملوا به فقال: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ التأويل يطلق ثلاثة إطلاقات.
أما التأويل في لغة القرآن فهو ما يؤول إليه الأمر، وتصير إليه الحقيقة في فهم الحال؛ وعلى هذا فتأويل القرآن: هو ما يؤول إليه أمره في فهم الحقيقة، وتقع عليه الحقيقة. وهو صدق ما وعد به بأن يدخل من آمن به الجنة ويخلد في نعيمها، ويدخل من كفر به النار ويخلد في جحيمها؛ فهذا تأويله أي ما تؤول إليه حقيقته، ما كان يعد به وينطق به في دار الدنيا، وهذا هو التأويل في لغة القرآن.
ويطلق التأويل أيضا على التفسير، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لابن عباس اللهم علمه التأويل وقولهم: فلان يعلم تأويل القرآن؛ أي تفسيره.
والإطلاق الثالث إطلاق حادث هو اصطلاح الأصوليين لم يكن معروفا في الزمن الأول، وهو أن التأويل حمل اللفظ عن ظاهره المتبادر منه إلى محتمل مرجوح بدليل يدل عليه؛ هذا اصطلاح حادث. والمعروف عند الأصوليين باسم التأويل هو ثلاثة أنواع: تأويل صحيح، وتأويل فاسد، و...
فإذا كان التأويل صرف الكلام عن ظاهره المتبادر منه إلى معنى مرجوح ليس هو الظاهر من الكلام بدليل صحيح يدل عليه حقا في نفس الأمر؛ فهو التأويل الصحيح المسمى بالتأويل القريب، ومثاله قول النبي صلى الله عليه وسلم الثابت في صحيح البخاري الجار أحق بصقبه .
فإن ظاهر هذا الحديث الثابت في صحيح البخاري أن الشفعة ثابتة للجار؛ لأن الصقب والصقد هو ما يلاصق الجار من أرض جاره إلا أنه حمل على محتمل مرجوح وهو أن المراد بالجار هنا خصوص الشريك المقاسم.
وهذا احتمال مرجوح إلا أنه دل عليه نص صحيح فحمل اللفظ عليه لدلالة ذلك النص، وهو قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر فإذا صرفت الطرق وضربت الحدود فلا شفعة فعلم أنه لم تكن هناك شفعة إلا مع الاشتراك في الأرض؛ أوفي الطريق كما هو معروف.
ومثال التأويل البعيد يمثل له بعض علماء الأصول بعضهم بما يخالفه فيه الآخر، والمعروف عند علماء الأصول أن الأصولي يكون مالكيا مثلا فيمثل بشيء ضد مذهبه، وقصده فهم القاعدة، ويكون شافعيا مثلا ويمثل بمثال مخالف لمذهبه.

line-bottom